الجَـــرف ... خِطاب الطبيعه الى الروح:

في وسط  اليمن وتحديداً في تعز مديرية جبل حبشي(256 كم جنوب صنعاء) تقع الجَـــرف: من أروع ما فتن قلب الإنسان من الجمال الأخاذ في الطبيعة التي تعرض محاسنها بسخاء، فلا تملك إلا أن تقف أمامها منبهرا وقد اخترقت روعة مناظرها روحك ونشرت بين جنباته بهجة وسرورا، وراحة وسكينة. إنه إحساس كامن في أي إنسان يجعله يُسر لرؤية ما هو جميل. فمن ذا الذي لا يسره منظر الجَـــرف بألوانها الساحرة ! ومن ذا الذي لا يسره منظر الأشجار والازهار بخضرتها البهية الناضرة ! لقد ألهمت بجمالها الكثيرين ـ على مدى العصور والأزمنة ـ فرسموا أروع اللوحات ونظموا أعذب الأشعار –كالاستاذ/ فائز حسن الاخضري والذي كتب أجمل النصوص الشعرية التي تنم عن حضارة وتاريخ الجرف واصالة قاطنية حيث نشرت على مجلة شـــمس الحــرية التي يصدرها بعض شباب قرية الجَـــرف –.

ولكم غزا جمالها من أرواح فامتلأت به جمالا وأنتجت جمالا وأبدعت في عوالم كثيرة مادية ومعنوية. إن الإنسان عندما يلجأ إلى الطبيعة ليستريح في كنفها ويملأ عينيه بنورها الساطع وألوانها البراقة وأشكالها البديعة، يغمر قلبه أحاسيس فياضة من الحب والإعجاب، والنشوة والفرح. فإذا فتح لها بابا أوسع غدّت روحه وأنمت فكره وأوسعت خياله بما تلقيه في روعه من الدروس والحكم. وإن ألقى إليها سمعه حدثته حديث العقلاء والنبهاء، إن المولى عز وجل الذي ما خلق شيئا سدى لم يخلق الجمال عبثا وإن بدا أنه زينة ظاهرة وزخرف الدنيا. فلا يجعل الإنسان من الطبيعة ملجأ للتنزه والترويح عن النفس ودفع التعب والملل عنها فقط، لكن فيها من الفضائل والفوائد أكثر من ذلك وأجل. فإذا كنا نأخذ منها ما نزيّن به ظاهرنا، فكيف لا نأخذ منها ما نزين به باطننا؟ أليست مصدر لباسنا وحلينا وزينة مساكننا، فلماذا لا يكون فيها أيضا ما نلبس به باطننا بلباس من الزينة والتقوى؟ إن الإنسان ليصيبه الخجل إذا ما كان يرتدي ثوبا رثا وسط جمع من الناس قد تأنقوا في ملبسهم. فكيف لا يحس بالحرج وهو يعيش وسط  الطبيعة بصورها الجميلة وأصواتها الشجية خبيث القلب فاحش اللسان؟فعندما تقف متأملاً في أوجه الطبيعة ومشاهدها الخلابة البديعة وتفتح عينك صباح كل يوم لترى إشراقة الشمس وقد أضاءت الكون، كاشفة عن نهار نيّر باسم بعد أن نزعت عنه رداءه الأسود لتلبسه ثوب البهجة والنور والحياة.عندما تقف متأملاً طلوعها رويدا رويدا في الأفق البعيد وهي تتبدل لونا بعد لون. أو  عندما ترقب غروبها لتملأ عينك بجمال منظرها وهي تغيب في الأفق تاركة شيئا من أنوارها وألوانها عليك!عندما تبعث ببصرك نحو تلك الأشجار الباسقات لترى اخضرارها البهيّ، ويعلـّق فؤادك بأغصانها الممتدة نحو السماء وكأنها في مناجاة!عندما تتمعن في تلك الورود و الأزهار الساحرات فيبهرك حسنها وكأنما خلقت لتكون بسمة الدنيا!!!عندما يبلغ سمعك تغريد الطيور من فوق أغضان الشجر، فتهتز نفسك طربا لترنيمتها الشجية وهي تغني لحن الحب والحياة!!!وعندما يتجلى فصل الربيع بأنواره الباسمة كأنما أشعلت فيه المصابيح ولبست فيه الدنيا أبهى حللها وتزينت كأنها العروس يوم زفافها!عندما ترى صور الطبيعة وتسمع أصواتها يخاطب بعضها بعضا، أليست تخاطبه أيضا، وهي التي خلقت له ومن أجله؟ تخاطب روحه وقلبه وعقله؛ متكلمة وصامتة، متحركة وجامدة، لا تسأم التعبير عن نفسها في كل مكان وزمان!إنها-الجـــرف- منبع من منابع الحكمة ومدرسة حية نتلقى فيها التربية الجمالية والخلقية. إن فيها من السمو والتعالي، والتألق والتأنق ما يدعونا إلى التسامي بروحنا وعقلنا، والتأنق في هيئتنا وسيرتنا.إنها تدعو الفنان الذي يسكن بداخل كل واحد منا لأن يبدع ويتفنن في ذاته ومع ذاته. فهي المعلـّم الذي يصحح أخطاءنا ويسوّي إعوجاجنا ويصوّب إنحرافنا عن الطبيعة الصحيحة والفطرة السليمة.إنها معرض للفنون الجميلة مدعوة إليه جميع الناس، لا الخاصة منهم فقط من أهل الفن والمتذوقين له؛ تدعو كل ذي عين ناظرة وقلب متفتح يقظ لأن يتأمل في مناظرها ويستقرئ خطاباتها.إن النبتة فيها والزهرة والشجرة والثمرة قد حملها البارىء جل وعلا رسائل إلى الخلق قد يقرؤها العالم قراءة علمية والفنان قراءة فنية وهي فوق ذلك تحمل معاني فلسفية وروحية. فإن كانت تحمل في سجلها الماضي خصائص مذمومه . فخصائصها الان منبتها ومنشئها وصفاتها من شكل ولون جميل ، ففيها أيضا حكما ودروسا هي الأحرى باستجاشة النفوس وتحريك الأذهان !لكن ابتعاد الإنسان عن الطبيعة جعله يبتعد عن سجيته، ودخوله في غمرة الحياة قد عقد تفكيره، وتشابك العلاقات الإنسانية قد سلبه هدوء البال وراحة النفس التي كان يجدها في كنف عائلته وبين أصدقائه ضمن إطار ضيق وهادئ.لقد غلبت عليه الحياة المادية وأخضعته لاحتياجات بدنه التي لا تنتهي، حتى ما عاد ينتبه إلى إشراقة الشمس التي قد اعتاد على شروقها، ولا يغريه جمال الزهور بالنظر إليها وملامستها، ولا يشد سمعه صوت الطيور وترنمها!.... فكان هذا هو خطاب  طبيعة الجرف الى الروح.ففي الاونه الاخيرة وفي إطار عملية التنمية الريفية الناجحه وبعد الانتهاء من مشروع الصندوق الاجتماعي للتنمية من رصف طريق الجـــرف الرضم الذي بلغت ميزانيته اكثر من مئة مليون ريال..وبعد ان رائ المهندسون النجاحات التي تحققت في الخطوة الاولى من المشروع  في رصف الطريق تأكد للقائمين بالمشروع  من  ان هذه القرية متعطشة  ومتعاونه لمثل هذه المشاريع  فتم انزال مناقصة برقم 12197-800   بتاريخ 21/3/2013م لبناء مدرسة مكونة من 3دور  والعمل جاري فيها على قدم وساق. حتى كتابة هذه السطور..                                                                   لدعم صفحة الجـــــرف على الفيس بوك  www.facebook.com/Aljarfcuontryside

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة